عندما ألتفت إلى عالم الموضة أرى بريق شديدا لا يسحر العين فقط بل انه
يعمي العين و القلب أيضا من رؤية الواقع و الصواب , أشعر بتلك الوتيرة الغير
طبيعية التي يمشي عليها أناسها و صانعوا هذا العالم , و ذالك الكم الهائل من
الألبسة و الإكسسوارات التي تنتج لفئة محدودة من الناس و هم أصحاب المال أي الذين
يعيشون لأنفسهم و ينفقون على أنفسهم أكثر بكثيير مما يحتاجون , افهم مدى انحسار و
ضيق عقول هؤلاء رغم تلك الإنتاجية و الإبداع و التفنن إلا أنهم دائما ينساقون وراء
صيحات معينة كل موسم بل كل شهر و أحيانا كل أسبوع يتشبثون بتلك الألوان المحددة و
نوع الأقمشة و طريقة تقطيع القماش و أشكال الألبسة التي فرضت عليهم , رغم ادعائهم
بالحرية و الاستقلالية إلا أنهميتبعون
ديانة الفاشيون دون شعور أو بشعور .
إن النفس البشرية تتعب و تكل من هذه الأمور لأنها في الأخير لا ترضي
الله و الفطرة لا ترتاح إلا لما يرضي خالقها , بعضهم لا يفهم هذا و يواصل مشواره
إلى الأسوأ و بعضهم يلجئون إلى تعاطي المخدرات ا والى إدمان أي شيء ينسيهم الألم
الذي يعانونه وسط ذالك الجمال المتجدد و البريق الساحر و الوصول و اقتناء أي شيء
تشتهيه النفس بدون أية موانع أو عقبات , هذا ما يفسر أن النعمة في أصلها نقمة إن
لم نحسن التعامل معها بما يرضي الله قضت علينا و لم نذق حلاوة الاستمتاع بها .
و كلنا اليوم نرى انزحاف ذالك النمط من العيش من بلدان الغرب إلينا
نحن المسلمون , و أن الإعلام كان عاملا أساسيا في رسوخ الأفكار و القواعد المادية
القائمة على مفهوم الأنا , و بما أن الكثير منا لا يتعب نفسه في التفكير و التحليل
و تقديم الحق و الرجوع إلى منهجنا القرآني و إلى سنة الحبيب كانت تلك مساعدة لهم و
ترحيب لكي يقودونا ولننساق ورائهم .
أرى
الكثير من المبادرات من مسلمين يسعون إلى إعادة الفن الإسلامي بطريقة معاصرة , إلا
أن بعضهم كان فهمه للفن الإسلامي هو ذالك الخط العربي و تلك الزخرفة الإسلامية و
تلك النقوش و الألبسة و الموسيقى و كل الفنون التي كانت في وقت سيادة و قوة الدولة
الإسلامية على غيرها من الدول, و استعملوا هذه الأشياء في إنتاج شيء لا يمت إلى الإسلام
بصلة , و كأن تجردها من القيم الإسلامية و أخلاق الرسول الكريم و شريعة الله
تبقيها على حالها محتفظة بذالك الاسم أي (الإسلامي),هدانا الله و إياهم
و فئة أخرى تسعى إلى تجميل الحجاب و تقديمه بطريقة إبداعية معاصرة
تتماشى مع الموضة بدعوى أن تواكب المرأة المسلمة الموضة حتى و هي محجبة و لتبدو
جميلة و لتحبب غير المتحجبات فيه , لاكن هذا الحجاب لم يعد يحترم قواعد الحجاب كما
فرض علينا في القران الكريم بل أصبح إكسسوارا أكثر من كونه حجابا , و في بعض
الأحيان تصبح المرأة (المحجبة) أجمل بكثير من المرأة العارية و منه نعلم انه لم
يكن حجابا بل تزينا .
أقدر
أي مجهود للرد على الموضة الغربية التي اجتاحت مدننا و عقولنا , لكن اعتقد انه يجب
أن نجرد أنفوسنا منها أولا حتى لا نقع في أعمال نعتقد أننا نحسن صنعا و في الحقيقة
نحن نعيد صياغة المبادئ الغربية و أفكارها التي أثرت علينا عبر عقود من الزمن
بطريقة أخرى و ربما بطريقة أكثر جاذبية و تأثيرا..